الثلاثاء، 26 أكتوبر 2010

المكتبات المدرسية وتنمية المهارات اللغوية

في بحث تربوي حول المكتبات وتنمية المهارات، استخدام الطالب لاستراتيجية التساؤل الذاتي يساعده على التحصيل الجيد

أكد الدكتور محمد عبدالرحمن الجاغوب موجه اللغة العربية بمنطقة الشارقة التعليمية في ورقة عمل بحثية قدمها أمام الندوة التربوية الأولى حول المكتبات المدرسية وآفاق تطوير التعليم وتحديثه التي عقدتها تعليمية الشارقة ان الطريق السليم لخلق مجتمع قاريء يبدأ من المراحل الدراسية المختلفة أي أنه يبدأ بالطلبة لأن عقولهم أكثر قدرة على الاستجابة للمثيرات من غيرهم.
واضاف انه من الممكن ان تنشأ بينهم وبين الكتب صلة دائمة ومحببة اذا لم تقتصر مهمة المدرسة على تعليم الطلبة مباديء القراءة والكتابة فقط وتقديم المعلومات لقمة سائغة لهم بل تعدت هذه المهمة بتلك العقول إلى انشاء رغبة أكيدة لديهم لحب الكتاب والتعامل مع المكتبة التي اصبحت مركز تعلم يحتوي على العديد من مصادر المعرفة المكتوبة والمسموعة والمرئية التي تجعل الطالب منتجا ومتفاعلا عن طريق استخدام هذه المصادر والتفاعل معها.
وأوضح الدكتور الجاغوب في ورقته البحثية أن المدرسة الابتدائية إذا اخفقت في تعليم الطفل اللغة التي تعتبر أداة المواد للفهم والأفهام والتحصيل داخل الفصل وخارجه فهي بذلك تكون قد أخفقت تماما في رسالتها، حيث إن تدريس اللغة باتجاهاتها الحديثة يقوم على الاساس الوظيفي للغة في اطار مهاراتها الأربع وهي القراءة والاستماع والكتابة والتحدث، موضحا ان القراءة والاستماع هي مهارات الاستقبال والكتابة والتحدث هي مهارات التعبير ويربط بينهما عنصر مشترك وهو التفكير الذي يعتبره البعض مهارة لغوية خامسة.
المهارات.. ارتباط دائم
كما اوضح موجه اللغة العربية في ورقته البحثية أن الدراسات الكثيرة في المجالات التربوية اثبتت ان القدرة على الاستماع الجيد بفاعلية ترتبط بالنجاح في القراءة انطلاقا من ان تعريض المتعلم لخبرات واسعة في الاستماع ينمي قدراته على صياغة المقررات والتراكيب والمهارات اللغوية وأن من مهارات القراءة والاستماع ما يرتبط بالنحو والصرف مثل مهارة تمييز السياقات الصوتية المتنوعة وفهم ما توحي به مثل الاستفهام والتعجب ومهارة ضبط بنية الكلمة ضبطا سليما من خلال السماع الصحيح لها واخراج الحروف من مخارجها الصحيحة وتغيير اصوات بعض تلك الحروف لمجاورتها أصواتا محددة، وأن من مهارات القراءة ما يرتبط بالتعبير مثل تحديد الفكرة الرئيسية والافكار المنضوية تحت لوائها ومهارات توليد المعاني والافكار واقتراح المواقف والآراء ومهارات تلخيص الكلام.
واضاف د. محمد الجاغوب في بحثه التربوي الذي قدمه بعنوان المكتبة المدرسية وتنمية المهارات التلخيصية ان قدرة الطالب على التلخيص تعد مهارة قرائية وكتابية في آن واحد وأنه مهارة وظيفية يحتاج اليها المرء في مواقف الحياة المختلفة لاسيما ونحن نعيش في عصر السرعة وتقدم وسائل الاتصال والانفجار المعرفي الهائل والمتسارع، مشيراً الى ان الانسان في اطار عمره القصير لا يمكنه الاحاطة بهذا الكم الهائل من المعارف وأنه اذا كان حريصاً على تنمية نفسه أن يحرص على الاحاطة ولو بموجز عن كل شيء بدور حوله ومن هنا يجب على المعلم تدريب الطالب الذي يرتاد المكتبات على كتابة التقارير الموجزة عن المعلومات التي حصلها بطريقة مختصرة وغير مخلة بالمعنى لأن الايجاز من غير خلل ضرب من البلاغة.
خطوات التلخيص
وحدّد الدكتور الجاغوب في بحثه عدة خطوات متتابعة يجب على المعلمين تدريب الطلاب عليها للقيام بعملية التلخيص غير المخل وهي تبدأ بقراءة النص قراءة جيدة للفهم والوعي والتمييز بين الاصيل وغيره في ذلك النص، ثم انتقاء ما هو ضروري وله صلة بالفكرة الرئيسية وطرح التكرار والترادف والافكار الثانوية، ثم بناد قطعة مترابطة الافكار ومتلاحمة البناء مما تبقى من النص، وكذا تدريبهم على وضع عنوان للنص يرشد القاريء الى الهدف ويحافظ على وحدة الملخص وتماسكه ويساعد على اختيار القيمة النسبية لعناصر النص كما حدد البحث ثلاثة انواع من التلخيص بدأت بتلخيص الجمل الذي يعني انتزاع الافكار والمعلومات التي تشملها الجملة وتقديمها في عبارة موجزة، وتلخيص الفقرة الذي يعني السلوك اللغوي الذي يتمثل في تحديد جملة الموضوع في الفقرة، ثم تلخيص النص الذي يعني القدرة على الاحاطة باهم الافكار والعناصر الاساسية في المادة المكتوبة وادراك ما بينها من علاقات وتقديمها في أبسط صورة من صور التعبير الذاتي الممكنة.
وطالب الدكتور الجاغوب المعلمين بطرح عدد من الاسئلة التي تساعد الطلبة على الوصول للاهداف والمعاني والتحصيل الجيد اي الفهم الكامل من مثل هل تعالج الفقرة موضوعا قائما بذاته أم جزءاً من موضوع؟ وأين تقع جملة الفكرة الرئيسية من الفقرة؟ وما الجملة التي تحمل هذه الفكرة؟ والقرائن الدالة على ذلك؟ مشيرا الى وجود علاقة ارتباطية ايجابية ذات دلالة خاصة بين ما يتوصل اليه الطلاب من ملخصات نتيجة الاجابة عن هذه التساؤلات وجودة هذه الافكار التي يحتويها الملخص عن طريق استخدام آليات اعادة القراءة ومستوى المناقشات التي يديرها المعلم حول مادة وموضوع التلخيص، مؤكداً ضرورة لجوء الطالب مع معلمه الى قراءة مادته عدة مرات ومناقشة مفرداتها وعناصرها بصورة مباشرة عندما يصطحب المعلم طلابه الى قاعة المكتبة ويقسم الى مجموعات ويوزع عليهم المقالات ويطلب قراءتها وتلخيصها بمساعدة استراتيجية التساؤل الذاتي ذهنيا من خلال الاجابة على هذه التساؤلات حول مجال المعرفة التي ينتمي اليها المقال والمشكلة الرئيسية او الفرعية التي يعالجها والتسلل والتنظيم في طرح الفكرة والصيغة التلخيصية المناسبة لمثل هذه المقالات.
ركيزة تعليمية
كما أكد الدكتورمحمد الجاغوب في ورقة عمله البحثية أن اسلوب تلخيص المقالة العلمية يمتاز بالوضوح والدقة في اختيار الالفاظ وتجنب ذات الاحتمالات المتعددة منها، موضحا أن ذلك يؤدي الى التحصيل الدراسي الجيد وتحقيق النتائج العلمية الأفضل لدى الطلاب خاصة وأن المكتبات المدرسية اليوم وبفضل تنوع امكاناتها وتحديث وسائلها تعتبر ركيزة للعملية التعليمية، وأنها بفضل محتوياتها المتنوعة تبث الفاعلية والنشاط وتثرى المنهج المدرسي وتساهم في تحسين اساليب التدريس وتفتح للطالب والمعلم نوافذ واسعة يهب منها عبير ينابيع العلم والمعرفة والفكر الانساني في مختلف العصور وأنه اذا ما احسن توظيفها وأقبل المعلمون وطلبتهم على ارتيادها فإنها تعين على تحقيق مبدأ التعلم الذاتي ولذلك يجدر بالمعلمين وأمناء المكتبات والادارات المدرسية عموما أن تسهل للطالب فرصة التواصل مع المكتبة وتنمية ميوله نحوها وتدريبه على مهارات استخدامها من خلال المطالعة الحرة أو عن طريق الاستعارة او تنفيذ بعض الحصص داخل قاعة المكتبة.
وأوصى الدكتور الجاغوب بضرورة ادراج مهارة التلخيص ضمن برنامج المسابقات التربوية السنوية تحت عنوان تلخيص كتاب وحث الطلبة على المشاركة فيها وتدريب الطلبة منذ المراحل التعليمية الأولى على المهارات المكتبية الاساسية، مطالبا معلم اللغة العربية بصفة خاصة زيادة الاهتمام بمهارة التلخيص بحيث يقرأ مالخصه الطلبة ويقومه ويضع الملاحظات عليه لتنمية هذه المهارة.
كما أوصى موجه اللغة العربية بتعليمية الشارقة بتكليف أمين مكتبة متخصص للقيام بالاعمال المكتبية، وتخصيص بعض الزيارات للقراءة الحرة ومتابعة الطلبة اثناء هذه القراءة ومطالبتهم بعمل ملخصات، واختيار أفضلها لطباعتها وتجليدها ووضعها في ركن خاص بالمكتبة لتكون مصدرا للمعارف ومكتبة مصغرة تقدم معلومات مختصة لكل فن من فنون المعرفة، اضافة الى نوعية المجتمع المدرسي كله بمحتويات المكتبة المدرسية وتدريب الطلاب والطالبات على الاستفادة من مصادرها المكتوبة والسمعية والبصرية عن طريق تفعيل هذه المصادر في العملية التعليمية.

الشارقة ـ فتحي عبدالكريم ،،، صحيفة البيان الإماراتية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق