منذ نصف قرن والوطن العربي يئنّ تحت أنظمة حكم شمولية فردية قمعية متسلطة، وعندما قام الشعبان العربيان في تونس ومصر بحركتهما الشعبية السلمية تيمّنَ بهما العرب في كافة أقطارهم ودعوا للثورتين بالنصر فكان انهيار حكم الطاغيتين ابن علي وحسني مبارك. وتلاحقت الأحداث في وطن يتوق إلى الحرية فكانت الحركة الشعبية الليبية التي بدأت سِلمية الهدف والأسلوب ونالت تعاطف العرب والشعوب الصديقة. ولكن ما لبثتْ أن ركبتْ موجة هذه الحركة قوى سلفية إسلامية متطرفة و قوى استعمارية متغطرسة وقوى الأعاجم والأقليات الحاقدة على العرب وانضمت إلى هذه القوى الرجعية العربية المُتصيدة في الماء العكر الباحثة عن الأمجاد الوهمية المتعطشة للشهرة والدارئة عن نفسها شبهة الشمولية والديكتاتورية فكان أن انحرفتْ بوصلةالحركة الشعبية الليبية عن مسارها ودخلت في أتون نزاع مسلح بدعم عسكري من القوى المذكورة والنتيجة إطالة أمد الصراع وسيل مزيد من الدماء وخراب الوطن العربي الليبي. وعندما نستمع إلى بعض رموز الحركة الشعبية الليبية وهم يتحدثون بأريحية من خلال القنوات الفضائية نحس بأن عداءَهم للعقيد معمر القذافي يستولي على عقولهم لدرجة الإعلان بصراحة عن ترحيبهم بالدعم العسكري الأمريكي والرجعي العربي وربما يقبلون الدعم الإسرائيلي لو قـُدّم لهم. من هنا صار المواطن العربي يتساءل هل من فرق بين هؤلاء وبين المعارضة العراقية التي استقوت بالغزو الأمريكي للتخلص من حكم الرئيس صدام حسين فكان أن أوصلت العراق إلى الاحتلال والانقسام والحرب الأهلية. والمتابع للأحداث يوشك أن يتوصل إلى أن تلك القوى المشبوهة ذاتها هي التي تلعب بالنار داخل الجمهورية العربية السورية وبالأدوات ذاتها وتريد أن تحرق المراحل فلم تقم فيها حركة شعبية مسالمة بل إنها ولدت من رحم العنف وسفك الدماء منذ اليوم الأول، وأغلب الظن أنها لن تهدأ حتى تصل إلى ما تريده وهو السلطة ونهب الثروات وإضعاف القوى المعادية لإسرائيل. وفي نظرة موازية على الأوضاع في البحرين على سبيل المثال وهي أوضاع مشابهة تماما من حيث السعي إلى التحرر الوطني والإصلاح والتغيير وإقامة نظام ديمقراطي يتسم بالعدالة فإن تلك القوى المشبوهة سارعت إلى لملمة الوضع في البحرين وإنهائه بأي وسيلة حتى لو كان في ذلك ازدواجية في المعايير والأسباب معروفة. لقد قامت في الوطن العربي خلال المئة سنة الأخيرة ثورات شريفة الأهداف منزهة الأساليب وسطـّرتْ صفحات خالدة في سفر التحرر العربي، ولا يغيب عن عين المثقف ثورة أحمد عرابي في مصر وثورة رشيد عالي الكيلاني في العراق وثورة الضباط الأحرار في مصر وثورة اليمن الجنوبي وثورة السلال والثورات السورية والفلسطينية والجزائرية، وهذه كلها نالت الشرف من كونها عدوة للاستعمار الأوروبي والأمريكي والصهيوني الذي لم يتبنَّ تلك الثورات ولم يدافع عنها بل حاربها دون هوادة. إنّ الحكومات العربية مطالبة اليوم بالتوجه نحو إصلاح حقيقي للأوضاع الفاسدة في الوطن العربي ومطالبة بمنح الجماهير العربية حرية التعبير وحرية المشاركة في صنع القرار. وإن الجماهير العربية مطالبة بالتنبّه لحقيقة ما يجري وفضح المخططات المشبوهة وعدم الانخداع بالشعارات البراقة والتضليل الإعلامي المزيّف والمأجور. كما أن هذه الجماهير عليها أن تنحني احترامًا للشعبين التونسي والمصري اللذين برهنا على أنهما يتحليان بسمو الهدف ورفعة الأسلوب إضافة إلى الروح الوطنية والقومية العالية حيث لم يفسحا المجال لتلك القوى الظلامية لكي تندس بين صفوفهما وتسرق الثورة منهما د. محمد الجاغوب
الأحد، 27 مارس 2011
أهمية الطابع السلمي للثورات العربية المعاصرة
منذ نصف قرن والوطن العربي يئنّ تحت أنظمة حكم شمولية فردية قمعية متسلطة، وعندما قام الشعبان العربيان في تونس ومصر بحركتهما الشعبية السلمية تيمّنَ بهما العرب في كافة أقطارهم ودعوا للثورتين بالنصر فكان انهيار حكم الطاغيتين ابن علي وحسني مبارك. وتلاحقت الأحداث في وطن يتوق إلى الحرية فكانت الحركة الشعبية الليبية التي بدأت سِلمية الهدف والأسلوب ونالت تعاطف العرب والشعوب الصديقة. ولكن ما لبثتْ أن ركبتْ موجة هذه الحركة قوى سلفية إسلامية متطرفة و قوى استعمارية متغطرسة وقوى الأعاجم والأقليات الحاقدة على العرب وانضمت إلى هذه القوى الرجعية العربية المُتصيدة في الماء العكر الباحثة عن الأمجاد الوهمية المتعطشة للشهرة والدارئة عن نفسها شبهة الشمولية والديكتاتورية فكان أن انحرفتْ بوصلةالحركة الشعبية الليبية عن مسارها ودخلت في أتون نزاع مسلح بدعم عسكري من القوى المذكورة والنتيجة إطالة أمد الصراع وسيل مزيد من الدماء وخراب الوطن العربي الليبي. وعندما نستمع إلى بعض رموز الحركة الشعبية الليبية وهم يتحدثون بأريحية من خلال القنوات الفضائية نحس بأن عداءَهم للعقيد معمر القذافي يستولي على عقولهم لدرجة الإعلان بصراحة عن ترحيبهم بالدعم العسكري الأمريكي والرجعي العربي وربما يقبلون الدعم الإسرائيلي لو قـُدّم لهم. من هنا صار المواطن العربي يتساءل هل من فرق بين هؤلاء وبين المعارضة العراقية التي استقوت بالغزو الأمريكي للتخلص من حكم الرئيس صدام حسين فكان أن أوصلت العراق إلى الاحتلال والانقسام والحرب الأهلية. والمتابع للأحداث يوشك أن يتوصل إلى أن تلك القوى المشبوهة ذاتها هي التي تلعب بالنار داخل الجمهورية العربية السورية وبالأدوات ذاتها وتريد أن تحرق المراحل فلم تقم فيها حركة شعبية مسالمة بل إنها ولدت من رحم العنف وسفك الدماء منذ اليوم الأول، وأغلب الظن أنها لن تهدأ حتى تصل إلى ما تريده وهو السلطة ونهب الثروات وإضعاف القوى المعادية لإسرائيل. وفي نظرة موازية على الأوضاع في البحرين على سبيل المثال وهي أوضاع مشابهة تماما من حيث السعي إلى التحرر الوطني والإصلاح والتغيير وإقامة نظام ديمقراطي يتسم بالعدالة فإن تلك القوى المشبوهة سارعت إلى لملمة الوضع في البحرين وإنهائه بأي وسيلة حتى لو كان في ذلك ازدواجية في المعايير والأسباب معروفة. لقد قامت في الوطن العربي خلال المئة سنة الأخيرة ثورات شريفة الأهداف منزهة الأساليب وسطـّرتْ صفحات خالدة في سفر التحرر العربي، ولا يغيب عن عين المثقف ثورة أحمد عرابي في مصر وثورة رشيد عالي الكيلاني في العراق وثورة الضباط الأحرار في مصر وثورة اليمن الجنوبي وثورة السلال والثورات السورية والفلسطينية والجزائرية، وهذه كلها نالت الشرف من كونها عدوة للاستعمار الأوروبي والأمريكي والصهيوني الذي لم يتبنَّ تلك الثورات ولم يدافع عنها بل حاربها دون هوادة. إنّ الحكومات العربية مطالبة اليوم بالتوجه نحو إصلاح حقيقي للأوضاع الفاسدة في الوطن العربي ومطالبة بمنح الجماهير العربية حرية التعبير وحرية المشاركة في صنع القرار. وإن الجماهير العربية مطالبة بالتنبّه لحقيقة ما يجري وفضح المخططات المشبوهة وعدم الانخداع بالشعارات البراقة والتضليل الإعلامي المزيّف والمأجور. كما أن هذه الجماهير عليها أن تنحني احترامًا للشعبين التونسي والمصري اللذين برهنا على أنهما يتحليان بسمو الهدف ورفعة الأسلوب إضافة إلى الروح الوطنية والقومية العالية حيث لم يفسحا المجال لتلك القوى الظلامية لكي تندس بين صفوفهما وتسرق الثورة منهما د. محمد الجاغوب
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق