السبت، 2 يوليو 2011

زوروا بُثيــنةَ فالحبــيبُ مَــزورُ

وهـل بثينةُ يا لـَلناس قاضيـتي دَيــْني وفاعلة خيـرًا فأجزيها
ترنو بعيَـنَي مهاةٍ أقصَدَتْ بهما قلبي عشية ترميني وأرميها
هيــفاءُ مُـقبلة عَجــزاء مُـدبرة ريّـا العظام بلا عيب يُـرى فيها
من الأوانسِ مِكسالٌ مُبتّلةٌ خَـودٌ غذاها بلين العيش غاذيها

الأبيات السابقة للشاعر العربي جميل بن عبد الله بن معمر بن الحارث المتوفـّى سنة 82هـ، وهو من قبيلة بني عُذرة ويُعرَف بجميل بثينة، وبثينة محبوبته، وهي بنت حبأ بن ثعلبة. قال فيها الشِعر َ مُتغزّلا فكانت النتيجة أن حُرمَ من الزواج منها، وزوّجَها أهلـُها لرجل غيره، لكنّ جميلاً ظلّ على حبه ووفائه لها، ويرتّلُ الأشعار فيها قائلاً

زوروا بُثـــينة فالحبـــيبُ مَــــزورُ إنّ الــزيارة للمـُـحبّ يَســيرُ
إنــي عشــية رُحــتُ وهي حزينةٌ تشكو إليّ صبَابة ًلصَبورُ
وتقــولُ بــِــتْ عندي فديتُكَ ليلةً أشكو إليكَ فإنّ ذاكَ يسيرُ
غــــرّاءُ مِبــسامٌ كــأنَ حديثــها دُرٌّ تحــدّرَ نظــــمُه المــنــثورُ
مَحطوطة المَتنين مُضمرة الحشا ريّا الروادف خَلقها مَمكورُ

وظلَ جميل يُلمّ ببُثينة حتى شكاه زوجُها إلى أبيها وأخيها فهدّداهُ وتوعّداه، ولامَهُ أهلُه وعنّفوه وتبرّؤوا من جريرته، ثم ارتحلوا بأنفسهم نحو أطراف الشام لكن جميلاٌ لم يرافقهم وتوجه إلى مصر مُردّدا قوله

ألا لــيتَ أيـــام الصــفاء جــديدُ ودهـــرًا تولـّــى يا بثــينَ يعــــودُ
وما أنسَ مِالأشياءِ لا أنسَ قولـها وقد قرّبتْ نضوي أمصرَ تريدُ؟
ولا قــولـَها لــولا العيــون التي ترى أتيتُكَ فاعذرني فدتكَ جُدود
يمــوتُ الهــوى منـي إذا ما لقيتُــها ويحــيا إذا فارقتــها فيعـــودُ


أقام جميلُ بن معمّر في مصر  حتى حانت وفاته، فلما بلغ َ نعيُه ُبثينةَ أنشدَتْ  شِعرًا  تعاهد نفسَها على الوفاء له وتعتبر أن نسيانـَه ولو لساعة من الزمن يكون أمرًا مستحيلاً وأنّ الحياة من بَعده لا قيمة لها ولا مذاق  

وإنّ سَلوى عن جميل ٍ لِساعةٍ من الدهر ما حانت ولا حان َحينُها
ســواءٌ عليــنا يا جمــيلُ بن معمر ٍإذا مِــتَ بأساء ُالحيـاة ولينـُــها
د. محمد الجاغوب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق